الحرية ١٣ – المجتمع العميق في مواجهة الدولة العميقة
سيل عرم. كتل من الناس كانت تسمى الجماهير. لم يعد التعبير دارجا. غاضبون، جاهلون، عارفون، مدركون، أميّون، مطحونون، لم يبق منهم إلا الرمق الآخير. يُقال فيهم الكثير إلا ما يجب أن يقال. يعصي وضعهم على الفهم. نظام العالم لا يريدهم، ولا يريد أن يفهم. وأنظمتهم تتجاهلهم، وتريدهم مقيدين دائماً. سِمَتُهم اليأس. الأمل بعيد المنال. يأسهم سلاحهم. أملهم مسلوب منهم. لا مكان يذهبون إليه. لا مرجع يتكئون عليه. الله ومندوبوه، العلماء ورثة الأنبياء، وورثة الولي الفقيه، تخلوا عنهم. كل ما يعرفونه هو أنهم أدوات لمصير لا يدركونه.
يحاول الحكام الطغاة تجاهلهم، لكنهم يتربصون بهم. يحصون منافسهم. كلمة تؤدي بصاحبها الى السجن أو الإعدام أو النفي. الكلمة هي أكثر ما يخشون. ماذا يفعل المتظاهرون في الشارع. يتكلمون. يقولون غير ما أراد النظام أن يقولوه. يخاف النظام من القول خاصة إذا كان على غير وتيرته. هو أساساً يخاف تكتل الناس في الشارع. لكن أن يبدأ الناس بالقول فهذا أمر مريع. في البدء كانت الكلمة. نهاية كل نظام كلمة. الكلمة أمر :”فليسقط النظام”. الشعار تعبير عما في النفس: عيش، كرامة، عدالة اجتماعية. كل ما يدور بين سلطة الطاغية والناس في الشارع هو ذلك؛ أحياناً يتربعون في الساحة. يحبون أن تكون ساحة التحرير. اسم يدل على حريتهم في تلك اللحظة.
النظام يراوغ لأيام أو لأسابيع، أو لأشهر كما في الثورات الأخيرة. يبدأ بالقنابل المسيلة للدموع أو خراطيم المياه. في بغداد أخيراً بدأ الرصاص الحي قبل القنابل المسيلة للدموع. القتلى كثر، والجرحى أكثر بكثير، والمساجين أكثر وأكثر. صارت الأنظمة تفضل القتل في الميدان مباشرة. إذا كان الطاغية في السلطة حديث العهد أو قديم فالأمر سيان. عليه أن يتعامل مع الناس بغير ما تعامل الحاكم السابق مع شعبه. المواطنون يعاملون بأقسى ما عومل به الرعايا في أنظمة ما قبل الحرب العالمية الأولى. الرعايا غير النظام. المواطنون يفترض الحاكم أنهم النظام. أنظمتنا كوربوراتية تفترض الشعب موحداً دون تعدد (الجبهات الوطنية)، وتفترض الجمهور تعبيراً عن النظام، ولي أمره؛ لولاه لما كان الشعب، ولما كان الناس أصلاً. شعب لم يوجد بنظر الطاغية إلا ليطيع الطاغية. وجوده والطاعة صنوان. متى فقد أحدهما فقد الآخر. في النتيجة شعب لا يلزم. ما يلزم هو المقولة. مقولة الشعب. الشعب الذي يلزم هو أجهزة الأمن والمخابرات والبيروقراطية. ببغاوات النظام. ببغاوات النظام هم الدولة العميقة. ليس في الأنظمة عمل إلا للببغاوات. سياستها الحقيقية لا تنبع من عمقها بل من الخارج. كل دول الاستبداد ذات اصطفافات مع احدى الجهات الخارجية. لا يبقى الطاغية دون دعم الخارج. ما يلزمه هو الخارج، لا شعبه.
في الكلمة حرية يأباها النظام. يسأل النظام زبانيته وحاشيته: أين تعلّم الأوباش ذلك؟ أنا لم أعلمهم قول هذا! يحسب الطاغية أنه مصدر الشعب. في تلك اللحظة، لحظة المسار والكلمة، يحقق الشعب حريته. يثبت أنه موجود، وأن وجوده لا يُستغنى عنه، وأنه بهذا الوجود سوف يقرر المستقبل، مستقبل النظام ومستقبل الطاغية.
يسقط النظام أو لا يسقط، ليس مهماً. المهم أن الطاغية لم يعد يهنأ بعيشه. يتحسس رقبته في كل لحظة. يعرف أنه معرّض للسقوط كل لحظة. يتحالف والأنظمة الأخرى والخارج طبعاً. تتكالب الثورة المضادة ضد الناس. يعرف الجميع أن الانفجار الشعبي لا يخيف الطبقة الحاكمة في العالم، وهي طبقة واحدة وإن كانت تتنافس فيما بينها، قدر ما تخيفها حرية الناس. تعرف الرأسمالية والبورجوازية العالمية أن مصدر سرقها هو النهب والسرقة والاحتيال واستخدام وسائل القمع والإكراه والقسر. تسلب من الناس حقوقهم، فتتفاقم اللامساواة، وتنعدم العدالة حتى لو أعطي الكل حق الاقتراع الذي يعني المساواة حسب القانون. يعرفون أن القانون للجميع، ويسري على الجميع. لكن الأقوى مادياً وروحياً يسيطر على كمية أكبر من القانون. القانون ينحاز كغيره. هذا ما يحصل على مستوى الحقوق المادية والروحية والمتساوية، لا نظرياً لكن على مستوى التحقق. حرية الناس تعني هذا التحقق، أي المساواة على جميع الأصعدة. عبقرية جمع المال لا تساوي عبقرية المعرفة بالفيزياء والأنثربوبولوجيا أو غيرهما. يتميّز عباقرة جمع المال عن غيرهم ويستعبدون البشرية، رغم غبائهم في أي مجال غير جمع المال. الحرية هي إلغاء الاعتبار لفرادة عبقرية جامعي المال. إلغاء التمايزات الطبقية بين الناس المركّزة على هذه الفرادة. هي الاعتراف لحق الناس العاديين، والعامة، الذين يُنظر إليهم كأوباش، بالمشاركة بالثروة كغيرهم لأنهم اذا لم يكونوا مهرة في جمع المال، فهم مهرة في حقول أخرى من حقول النشاط البشري. الحرية هي احترام الناس واحترام قدراتهم، واعتبار وعيهم لمصالحهم؛ احترام عقلهم الذي يمكن أن يكون في مجالات أخرى مساوياً للعقول التي تختص بجمع المال. في الرأسمالية لا مساواة بين عبقرية جمع المال وعبقرية العلم بالفيزياء أو غيرها. عدم المساواة وانعدام العدل متأصلان في نظام من هذا النوع. تعبير العامة يساويه تعبير الجماهير. يحمل اعتبار عدم احترام هؤلاء حتى لدى اليساريين من الذين يعتبرون أنفسهم مناصري القضايا الإنسانية ومؤيدي الفقراء في مطالبهم.
يعتبر هؤلاء أن الناس العاديين، العامة، لا يصلحون كي يقودوا أنفسهم بأنفسهم، وأنهم لا يصلحون إلا لكي ينقادوا. ليس لديهم ما يكفي من مقومات القيادة والفكر والرؤية. يحتاجون الى من يمتلكون رأسمال القيادة والفكر كي يقودون. يغفل هؤلاء أن حقوق الناس ليست وحيدة الجانب. لا تقتصر على مجال واحد من مجالات النشاط البشري، وأن الذين يتنطحون للقيادة بسبب براعتهم في جمع المال هم كالذين يتنطحون للقيادة بسبب براعتهم في مجال آخر وحيد الجانب. الحياة البشرية متعددة الجوانب، والحقوق فيها متعددة الجوانب، والذين يفرضون أنفسهم للقيادة بسبب تمتعهم بالبراعة في جانب واحد كالرأسماليين، وحيدو الجانب أو المجال.
الناس يريدون قيادة، ولا شك. ربما كان عقلنا قد تعوّد على التفكير بمصطلحات القيادة أو ما يسمى الطليعة. في ذلك ما ينافي ضرورة التمثيل، تمثيل الناس. وضرورة أن يكون هذا التمثيل باختيار الناس؛ لا ينحصر الأمر بالذين يجمعون رأسمال “الفكر” أو “الوعي” كما يجمع الرأسماليون المال. أن الطليعة المناضلة (يسارياً) أو الطليعة المقاتلة (دينياً) والعلماء ورثة الأنبياء يشكلون نخباً حالما تحدث ثورة ويستلمون السلطة ويتحولون الى طغاة يعاملون الشعب وكأنه كم مهمل بحاجة الى هداية وانقاذ، وأنهم هم هؤلاء الطلائع التي أوكلتها القوى الكونية بقيادة الناس باسم الخلاص، وأن استبدادها بالناس هو ما تحتمه القضية. تصبح الطاعة لقادة الثوار شبيهة بالطاعة للطغاة الذين ثاروا عليهم. يبدو أن ما من أحد يخلو من لوثة حب التجبّر والطغيان وقهر الناس حين تتاح له الفرصة ويستلم زمام السلطة. بلاطات القادة الجدد فيها من الدسائس والتكتلات التي تتنافس في سبيل السلطة، ما يوازي البلاطات القديمة. تنتهي الثورة وكأنها انقلاب شبه عسكري قام به مدنيون. يصاب الناس بالاحباط من جراء ذلك. وما من ثورة إلا وأصيب جمهورها بالاحباط بعد وقوعها. السبب ليس فقط أن النظام الاجتماعي القديم يستمر بالرغم من الثورة، وينتج في العهد الجديد طفيلياته، لكن ما لا يقل أهمية عن ذلك هو أننا لا نحن ولا الثوار الجدد ونخبهم نملك العدة المعرفية لإعادة تشكيل أوضاع المجتمع بتلبية حاجاته المادية والنفسية حالما يُطاح بالحكم المتسلّط. كل ما لدينا عن الثورات يتعلّق بالعمل على إسقاط الطغاة. أما مرحلة البناء فيما بعد فهناك نقص معرفي كبير. ما أدرانا أن يكون الثوار الجدد أبناء المجتمع القديم، حتى سياسياً، ويتمسكون بأخلاقياته السائدة. لا يولد المجتمع الجديد حين تقع الثورة. تطوّر المجتمع يحدث تراكمياً. المهم أن نكون أكثر تواضعا معرفياً أولاً، واجتماعياً وسياسياً ثانيا، وأن نرى أن ما يحتاجه المجتمع بعد الديكتاتورية هو أن نفتح الأبواب على مصراعيها، وأن يصير المجتمع مفتوحاً بالكامل، وأن يعبر الكل عما بنفوسهم دون الاتكال على نخب تزعم الهداية أو التوعية، وتزعم أنها تفهم ما لا يفهمه الناس. الناس يعرفون حاجاتهم أكثر من كل النخب حتى ولو إدعت هذه الاختصاص المعمّق بكل أنواع السوسيولوجيا والأنثروبولوجيا والفقهولوجيا. مهما ادعت النخب الذكاء والنظر الثاقب، لكنها تجتاج الى التواضع بعد الثورة، خاصة النخب المناضلة. الانحناء أمام الناس ضرورة.
لا تعيش الناس في سبيل قضية مهما علا شأنها. مهما تعالت وتسامت في عالم الميتافيزيقيا ولامست النجوم والملائكة. يعيش الناس من أجل أنفسهم. الحرية هي ما بأنفسهم؛ عن هذه الحرية يجب أن يعبّر نظام ما بعد الثورة. ليست المسألة حرية إبداء الرأي وحسب، بل حرية أن للنفس اعتبار في أن لديها ما تقوله، وما تقوله هو القول الفصل في كل شيء.
اسفاف يساري هو القول أن الجماهير لا تعرف ماذا تريد أو أنها رجعية أو ناقصة الإرادة. هذا استمرار في احتقار الناس والاستخفاف بقضاياهم كما فعل الطغاة في السلطة، قبل الثورة. لا تجرؤ النخب الجديدة على فتح الأبواب والانتقال الى مجتمع مفتوح. لا تريد معرفة جديدة وتجربة جديدة. تتكوّر حول ما تعرف، وهي تعرف القليل عما بعد الثورة.
ما يحتاجه المجتمع بعد الثورة ليس مؤامرات البلاط كي يستولي فريق على السلطة، وليس موقف التعالي على الناس بحجة أنهم عامة جهلة لا يعرفون مصالحهم، وليس نخباً تزعم أنها تتمتّع بخبرة تجعلها تعلو على المجتمع لتعيد تشكيله. ما يحتاجه المجتمع هو فتح النقاش والحوار والتواضع وقدر كبير من التجريبية وتعلّم من التجارب. تسد النخب الثقافية والسياسية أبواب النقص عندها عندما تتعلّم من تجاربها. تتعلّم من الجماهير، من تجاربها مع الجماهير. ليس المجتمع بحاجة لألهة جديدة. يكفيه ما عنده مما يجب التخلص منه. يجب أن نقر للمجتمع أن يكون هو هو. أن يحدد هو طبيعة المرحلة القادمة. أن يكون ممثلاً بالكامل في السلطة، وأن تكون النخب مستعدة للاستغناء عنها في أي لحظة. لسنا، وأنا أتحدث كواحد من الجمهور، بحاجة الى هداية؛ هدايتنا أدت الى ثورة. حريتنا سوف تكون مضمون الثورة. حرية دون حدود، ودون قيود، ودون استعلاء أحد علينا. لن تكون المبادلة بين الحرية وأي شيء آخر، بما في ذلك الخبز والعيش، مقبولة. ستكون كل الوعود مرفوضة. ما يُخطط لتنفيذه يقام بذلك الآن وليس غداً. سوف تتعرّض الثورة لمؤامرات خارجية. لن تقبل التعبئة، بما في ذلك تكبيل الحريات، لمواجهة المؤامرات الخارجية. الجمهور يعرف كيف يدافع عن نفسه ضد كل مؤامرة خارجية.
معنى كل ذلك، أن إسقاط النظام شعار ضروري. لكن الثورة لا تعني الروح الانقلابية. لا حاجة الى إلغاء ما تراكم من تجارب الناس الجميلة. هناك حاجة لإلغاء ما راكمه حكم الاستبداد وحسب. تاريخ الناس هو تاريخ الحرية، والجريمة هي الانقلاب على ذلك. يزعم أصحاب نظريات “الطليعة” أن المجتمع بحاجة الى هداية (دينية) أو توعية (يسارية) من أجل إعادة التشكّل. فليكن لدى هؤلاء بعض التواضع والتخلي عن الجهل والغباء.
أما هذه النخبة، خاصة اليسارية منها، التي تعتقد أنها شعب الله المختار، وأن من بيده أمر الدين والدنيا قد اصطفاها لدور تلعبه في تشكيل البشرية أو إعادة تشكيلها. فإنها لا تدري، أو تدري، والله أعلم، أنها مدجنة وأن تدجينها قام به حكم الطاغية والاستبداد، الذي يعرف أنها مدجنة والذي طالبها بكل براءة، تخلو من البراءة، ببرنامج للثورة، عندما فاضت الميادين بالجمهور. فهي لا تعرف، أو ربما تعرف، كيف تجيبه أن الثورة غضب، بركان ينفجر في وجه الطغيان، وأن ما في النفس من حرية لم يعد يحتمل. تصر هذه النخبة على أن يكون للثورة برنامج، لأنها تصر على أن تلعب دوراً في ثورة لم تشارك فيها. ولم يكن مقدراً لها أن تكون جزءاً منها. الثورة ضد الطاغية وضد من سار في ركاب الطاغية.
الثورة لا قضية لها. ليس لها ميتافيزيقيا. هي انفجار وحسب. هي انفجار ما في النفس من حرية ضد ما في المجتمع من استبداد. والاستبداد يمارسه الطاغية كما يمارسه المجتمع. الثورة بما هي في النفس، وفي الروح، وفي الأنا العميقة، هي انفجار ضد المجتمع وضد الطاغية، وضد المجتمع الذي سمح للطاغية بأن يحكم ويتحكّم.
لا تحتاج الثورة الى برنامج. ما يحتاج الى برنامج هو ما بعد الثورة. هو التراكم الذي ليس له علاقة بالثورة. هو التاريخ في تطوره وتدرجه من مرحلة الى أخرى. الثورة لحظة تاريخية تقول فيها “الأنا” لم يعد باستطاعتي أن أتحمل. حريتي هي الأولى. يقول لنا الطغاة، طغاة السياسة والدين والمجتمع، ويقول لنا ورثة الأنبياء وولاية الفقيه وديكتاتورية البروليتاريا، نحن أدرى منكم. تقول لهم الثورة أنتم لا تدرون شيئاً. ليس هناك دولة عميقة. هناك مجتمع عميق. تكوّن على مد التاريخ، ويستمر بالرغم منه. المجتمع العميق هو مجتمع الحرية الكامنة في كل منا، والمكبوتة والتي تتجهّز كل يوم للانتفاض ضد ما هو متعارف عليه، وضد الموروث، وضد ما يعتبر أنه الشخصية التي يتكوّن منها المجتمع. لا شخصية للمجتمع إلا ما هو حرية. الدولة العميقة هي دولة الكبت والقهر والظلم. هي كذلك لأنها تعمل باستمرار ضد المجتمع، خارج اطار انتظامه، ضد القانون ضد سوية الإنسان. الحرية هي في إزالة هذا التناقض. ولا يكون ذلك إلا بحل الدولة العميقة لصالح المجتمع العميق. عندها يصير مصدر الدولة هو المجتمع، ولا تسقط الدولة على المجتمع من فوق، بل يجب أن تمثله، ويكون وجودها مكرسا له. تكون دولة للمجتمع لا دولة ظلمه والعمل من أجل إلغائه.
الحرية تنبع من عمق المجتمع. الاستبداد ينبع من عمق الدولة. عمق المجتمع يتشكّل في الحب والتعاون والتسامح. عمق الدولة يتشكل في الكراهية والإكراه والمؤامرات. عمق المجتمع هو بقايا المجتمع البدائي في الإنسان عندما كانت الإشتراكية حقيقة واقعية. انسان الصيد والجمع لم يلزمه أن يكون أنانياً. عمق الدولة تشكّل من التراتبية الاجتماعية. تمايز الناس عن بعضهم البعض. استلاب الإنتاج. وفي النهاية السلب واللصوصية والنظام الرأسمالي. لذلك تنظر البورجوازية بريبة الى التاريخ القديم كما تنظر أنظمتنا بخوف وهلع الى مراكز أبحاث التاريخ. يريدون اعتبار الحداثة بداية العقلانية وقمة الأخلاق. نتعلم ذلك من الأنثروبولوجيا التاريخية لا من علم الاجتماع؛ فهذا علم للرأسمالية بامتياز. عاش الانسان القديم حريته. لم يتعلّم انسان الحداثة ذلك بعد. التطوّر البشري، وصولاً الى الحداثة، وما بعد الحداثة، هو تطوّر التراتبية الاجتماعية والاستغلال وصولا الى الطغيان والقهر. قوى الثورة الحقيقية لم تكتشف بعد. ولا تملك الأدوات المعرفية لتغيير هذا النظام باتجاه نظام اشتراكي يغني عن الاستغلال. فارق التقدم في المعرفة والدين والعلوم الحديثة لم يخدم إلا الرأسمالية وتراتبيتها الطبقية التي اعتبرت طبيعة بشرية.